العملة الصعبة يتواصل نزيفها

رغم التقارير المقلقة المقدمة للحكومة، سواء من مصالح الجمارك أو بنك الجزائر، حول نزيف للعملة الصعبة الجزائرية بالطرق غير القانونية، تبقى الحكومة تتفرج والملايين من الدولارات تضيع في عتاد دون قيمة تجارية يتم التخلي عنه من طرف مستوردين وهميين، تصطدم السلطات العمومية عند تحريها عنهم بأن سجلاتها التجارية التي منحتها تسير من طرف أموات أو أطفال أو نساء بيوت، وغيرها من المفارقات.

بالمقابل، خرج محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، نهاية الأسبوع، ليضع حدا لمسلسل الرفع من المنحة السياحية للجزائريين، والتي ستبقى على حالها مسقفة عند 130 أورو، لسنوات أخرى، في انتظار، كما قال المحافظ، أن تكون هناك وفرة في العملة الصعبة بعد أن استهلكت واردات الجزائر من خلال فاتورة ستتعدى حوالي 60 مليار دولار، أدت إلى عجز غير مسبق في ميزان المدفوعات، إلى جانب عملة صعبة أخرى تهرب بطرق قانونية نحو دول أخرى، مقابل عتاد دون قيمة تجارية لا يمكن حتى إعادة استعماله.
وأكدت مصادر مسؤولة من الموانئ الوطنية لـ “الخبر”، أن ظاهرة حجز العتاد دون القيمة التجارية لازالت تسجل يوميا على مستوى جميع الموانئ، من العاصمة إلى وهران وبجاية وعنابة. وقدرت ذات المصادر قيمة العتاد الذي يتم التخلي عنه يوميا، بما يتراوح بين 500 ألف أورو والمليون أورو، لا تتم جمركتها ويتم التخلي عنها من طرف أصحابها المستوردين، بعد أن يكونوا قد نجحوا في تحويل الأموال الصعبة التي تعد ملكا لجميع الجزائريين لتوظف من طرف بنوك أجنبية خارج البلاد.
في نفس السياق، أرجعت ذات المصادر استمرار نزيف العملة الصعبة إلى الخارج دون مراقبة، إلى إبقاء الحكومة العمل بالقرض المستندي بالنسبة لجميع المواد المستوردة، رغم التعليمات التي كان قد أعطاها الوزير الأول، عبد المالك سلال، عند تلقيه شكاوى المتعاملين الاقتصاديين، حيث أمر بتشكيل لجنة لدراسة إيجابيات وسلبيات اعتماد القرض المستندي الذي جاء به قانون المالية التكميلي لسنة 2009، والذي لم يتم تحقيق الأهداف المرجوة منه في إطار التقليص من فاتورة الاستيراد.
وأكدت ذات المصادر، أن الحكومة التي سارعت لتشكيل اللجنة التي عملت قبل المصادقة على قانون المالية 2014، لإدراج مقترحاتها في هذا القانون، لم تراع ما خرجت به أشغال اللجنة، التي طالبت بتقليص استعمال القرض المستندي، ليختصر على المواد الأولية فقط دونها، ما سيسمح بنزيفها نحو الخارج، بحكم أن التعامل بالقرض المستندي يمكّن المستورد من تحويل أمواله إلى ممونه في الخارج دون الانتظار للتأكد من محتوى حاويات السلع والبضائع التي يتم إرسالها بعد انتهاء المعاملة التجارية بين الطرفين. وعلى عكس ما طلبته اللجنة المكلفة بدراسة تداعيات اعتماد القرض المستندي، فإن الحكومة فتحت بابا آخر للمستوردين الذين يتحايلون على القانون في عمليات الاستيراد، عن طريق استعمال وسيلة الدفع للقرض المستندي، ليسمح لهم في قانون المالية لسنة 2014 باللجوء إلى وسيلة دفع أخرى، وهي التسليم المستندي